الغدد الصماء و الهرمونات
(مقدمة)
يهمنا أن نقدم للقارئ بعض المعلومات الأساسية التي تمكنه من تفهم مدلولات هذه الألفاظ التي يكثر ورودها في هذه المدونة.
فالغدد بوجه عام إنما هي أعضاء منتشرة في الجسم تفرز مواد مختلفة تؤدي وظائف معينة ضرورية أو حيوية للجسم الحي وتنقسم الغدد إلى نوعين :
أولا: الغدد ذات القنوات.
يتجمع إفرازها في تجاويف تتصل بقنوات تحمل الإفراز إلى خارجها. وقد تفتح هذه القنوات على سطح الجلد مثل الغدد العرقية التي تفرز العرق أو في أماكن أخرى مجاورة للغدة حيث يؤدي الإفراز وظيفته مثل الغدد اللعابية التي تنتهي قنواتها إلى داخل الفم أو تحت اللسان. فهنا يسيل اللعاب ويؤدي وظيفته الهاضمة أو المرطبة.ومنها غدد كبيرة كالكبد والبنكرياس الموجودين أعلى البطن، فتفتح قناتهما في أألتني عشر وهو الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة وتصبان فيه الصفراء والخمائر الهاضمة للطعام. وفي جميع الغدد ذات القنوات فإن الإفراز يصب مباشرة في الموضع الذي يؤدي فيه وظيفته.
ثانيًا : الغدد الصماء
وهي غدد ليست لها قنوات وبالتالي لا تصب إفرازها في تجويف قريب وإنما يتسرب إفرازها إلى الدم الذي يحمله إلى الأنسجة وأعضاء بعيدة عن موقع الغدة. حيث إن الدم في دورته يجوب الجسم كله وهذا النوع من الإفراز هو الذي يطلق عليه اسم الهرمونات. وقد سبق أن ذكرنا أن هرمون التستوستيرون تفرزه بعض خلايا الخصية فيحمله الدم إلى أماكن بعيدة ليسبب صفات الذكورة ويدعمها في الحنجرة كغالظة الصوت أو في الوجه حيث ينمو الشارب واللحية أو في المخ حيث يحدد السلوك الجنسي. وهي أهداف بعيدة للهرمون وليست متاخمة للخصية بحال من الأحوال.
و الهرمونات في الجسم دولة واسعة مترامية الأطراف وهي شديدة الترابط فمن ذلك أن بعض الهرمونات تفرز بواسطة غدة صماء معينة ويحملها الدم إلى غدة صماء أخرى فتؤثر عليها إما بتنبيهها للإفراز أو بتثبيطها ومنع إفرازها حسب متطلبات الجسم المتغيرة بين حين وآخر.
ومن أمثلة الغدد الصماء : الغدد الدرقية الموجودة بالرقبة والغدة الكظرية الموجودة فوق الكلية والغدة الجار درقية الموجودة خلف الدرقية مغروسة في سطحها الخلفي. وقد سبق أن أشرنا إلى الخلايا البينية للخصية وهي من الغدد الصماء وإفرازها من التستوستيرون، وتخضع أغلب الغدد الصماء لهيمنة غدة عليا موجودة فوق قاع الجمجمة هي الغدة النخامية. وللغدة النخامية هرموناتها المتعددة مثل هرمون النمو والهرمون المنبه للغدة الدرقية والهرمون المنبه للقشرة الكظرية والهرمون المنبه للخلايا البينية.
وتخضع الغدة النخامية لسيطرة الجزء الواقع فوقها من المخ وهو ما يعرف بالهيبوتاالمس (المنطقة تحت السريرية) وهذا الجزء من المخ يفرز مواد تصل إلى الغدة النخامية فتدفعها إلى إفراز هذا الهرمون أو ذاك عند الحاجة إلى ذلك.
والمثل الذي يعنينا في هذه المدونة هو بالشكل الخاص بالخاص بالبروستاتا والذي يلخصه في التأثيرات الهرمونية التي تمده بالنشاط والنمو.
1 ـ يفرز الهيبوتاالمس مادة معينة تعرف باسم H.R.H.L وتصل إلى الغدة النخامية الواقعة قريبا منه.
2ـ وبناء على ذلك تفرز الغدة النخامية هرمونا معينا هو الجونادوتروبين H.L الذي يسري في الدم ليصل إلى الخصية.
3 ـ تستجيب الخلايا البينية لهذا الجونادوتروبين حين يلمس جدرانها فتفرز هرمون التستوستيرون.
4 ـ عن طريق الدم يصل التستوستيرون (هرمون الذكورة) إلى البروستاتا فينبه خلاياها للنمو والنشاط وتوجد بخلايا البروستاتا مستقبلات خاصة للتستوتيرون كما توجد بها خميرة معينة تختزل التستوستيرون لتحويله إلى مادة مضاعفة التأثير.
تأثير البروستاتا بالهرمونات
1 ـ تفرز المنطقة تحت السريرية بالمخ هرمونا خاصًا هو H.R.H.L الذي يصل إلى الغدة النخامية.
2ـ تنبه الغدة النخامية بهذا الهرمون فتفرز بدورها هرمون ًا آخر H.L.
3 ـ يحمل الدم هذا الأخير إلى الخصية فتتنبه الخلايا البينية بها إلى إفراز التستوستيرون.
4ـ تتلقى خلايا البروستاتا التستوستيرون وبواسطة خميرة خاصة تختزله إلى مادة أقوى فاعلية هي .D.H.T لعدد البروستاتا كما يعجل السرطان وانتشاره إن وجد.
5 ـ بسبب T.H.D نموًا ونشاطًا وكما يلاحظ القارئ فهذه السلسلة من الإفرازات والتنبيهات تشبه الحلقات المتتالية التي يترتب بعضها على بعض ويتضح من هذا أن أي انقطاع أو تدمير لإحدى الحلقات يؤدي بالضرورة إلى حرمان البروستاتا من النمو فتضمر خلاياها ويتضاءل نشاطها. والشك أن معرفة القارئ بهذه الهرمونات المتعددة وتأثيراتها تعد ضرورة لتفهم الوسائل العلاجية الجراحية والدوائية لعالج أهم أمراض البروستاتا وهي التضخم الحميد والسرطان.
تعليقات
إرسال تعليق